جنين في الرحم تعيش بلا آمال, لا تعلم ماذا ينتظرك في الخارج من آلام و زوابع الحياة, كل أمانيك هي أن تخرج إلى عالم ترى فيه النور الذي ينعكس إلى عينيك ليترجم لك شكل الحياة.
تعيش طفولتك ببراءة بين أحضان الحارة و غبارها و بين أحضان أمك التي يشع حنانها الدفء ليلف روحك و جسدك.
تترعرع بين هذه الأحضان و تنمو , فتحضر بين ثناياها مقادير أحلامك , و حين تتوفر لك كل هذه المقادير التي أنت بحاجة لها كي يكتمل طبق أملك الأساسي , عندها سيتم سكبها في وعاء من أوعية الدنيا , فتقوم بخلطها و بعد الخلط تضعها في فرن التنفيذ كي تنضج .
لكن..تذكر ! بأن الخلط يحتاج إلى قوة و يحتاج إلى عمل مكثف كي لا تكون هناك إمكانية فتنفصل المكونات عن بعضها البعض .
كل إنسان يحلم , و كل إنسان يملك أملا في هذه الحياة , و إما أن يكون حلمه حلم يقظة , أو أن يتحول حلمه إلى حقيقة بإتباعه لطريقة الخلط و برؤيته النور يسطع حتى في الأرجاء التي استبدها الظلام .
أملي لربما يختلف عن كل الآمال , فقد قامت بنحته و تلوينه الآلام .
أملي في الحياة أمل بات من المستحيل أن يتحقق , أملي في هذه الحياة أن أرى السلام يحتل و يستعمر الأكوان أو أن يكون لي دور في مسلسل الطغيان الذي قامت بإخراجه الحكومات المتخاذلة , أود لو يكون دوري ممحاة لأمحو دمعة اليتيم , أو آلة زمن لأعود إلى الماضي فأعيد بعضا من الطفولة المسلوبة من أفئدة و ألعاب الأطفال القاطنين في الشتات و في أراض تربتها بور كأجوائها التي تحمل نسمات الظلم و التجويع.
فكرت مرارا و تكرارا كيف لي أن أرسم أملا على حيطان الطاغية و أن أنشره في رواياته المصورة , التي رسم صورها على جدران الحاضر و المستقبل و على أجساد أبناء اليوم و الغد .
لم أجد إلا سبيلا واحدا كي أحقق مبتغاي , و هو أن أنشئ أمة قادرة على تأليف رواية جديدة , قادرة على إلغاء السحاب الحامضي الذي يمطر سموما على الأرض , أمة بمقدورها حياكة أجنحة جديدة ليستعيرها الفجر فيطل علينا بصورة أسمى و أفضل من فجر الأمس .
هذا هو أملي الذي أتمنى أن تكون عليه الحياة يوما ما , و هذه هي طريقتي لتحقيقه , فنشر التوعية و أسس الدين الحنيف بين أجيال اليوم هي السبيل الوحيد ليعم الأمن و السلام الأرجاء التي استوطنتها الحروبات و الخيانات الفاشية بين الأجساد التي استغنت عن ضمائرها ..!!
لن أطمح بتغيير الماضي إنما كل طموحي تشييد أبنية من السلم و الإيمان في بلدان المستقبل القادم إلينا في قطار الأيام , فلن أستطيع العودة للوراء لأنه لن يكون لي معه لقاء ..
و لا سبيل لأمالي إلا هذا السبيل فلا درب يوصل غيره حتى و إن كان الدرب طويلا ..
و سأظل أمزج بمقادير هذا الحلم حتى يصبح خليطه جاهزا لوضعه في فرن التنفيذ فيتحول إلى واقع , لا لسراب...