بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
الصلاة و السلام على أفضل المرسلين محمد صلى الله عليه و سلم , و على صحبه أجمعين , و التابعين و تابعيهم باحسان و اكرام الى يوم الدين .
بداية اخواني أمهد لما سأقول بالآية الكريمة , قال الله تعالى و تعاظم شأنه :({ يا أيها الذين آمنوا أتقوا الله وقولوا قولاً سديدا } ...."الأحزاب:70
نعم اخواني اتقوا الله حق تقاته , فنحن اليوم لا نرى الا مفاسد الأخلاق و الرذائل و كل ما يدعونا الى غير الله تدخل بيوتنا , و مجتمعاتنا و تغزو قلوب شبابنا , و نحن راضخين و نقول لا حول و لا قوة الا بالله...
أما بعد ...
أردت أن أبدأ بمثل صغير من الواقع ليمثل ما سأقول , اخواني تخيلو لو أن عدوا جاء الى بلدة من البلدان ليغزوها , و يعلنها أرضا له غصبا عن كل القوى....
في هذه الحالة نرى وجهتان نظر مختلفتان , تنبثقان من اجتماع عاجل يعلنه المسؤولون عن هذه البلدة .
أما القرار الأول فيتمثل بالاستسلام و الرضوخ و عدم المقاومة , أي تسليم الأرض و الحق الى الغزاة حتى نتجنب المعركة ....
أما القرار الثاني فيتمثل بالعكس تماما , حيث سوف تظهر روح من المقاومة و العزيمة و روح التحدي , فيظهر لنا موقف معاد للغزاة ليكون سدا منيعا حاميا للأرض و الحق...
من هنا أبدأ اخوتي...
هذا المثل ينطبق على كل انسان منا , فلكل انسان قلب , و كما نعلم أن القلب هو المركز الأساسي للمشاعر , و هو مركز للهوىىىىىىىىى , و للقلب عدوان اثنان و قد حددهما الله , ألا و هما النفس الأمارة بالسوء و الشيطان .
فبما أن قلب الانسان يتسم بالحب و الميل الى الشهوات , تاتينا هنا ما تسمى النفس الأمارة بالسوء , تأتي غازية القلب , فما هو الموقف هنا ؟؟!!
هل الاستسلام لهذه النفس أم القتال و مقاومتها......؟
هنا تختلف الآراء من انسان لآخر , وتختلف الموانع و المؤهلات التي تعطي القلب صفة الصمود أم الاستسلام ...
نعم , انها معركة و الله , معركة حقيقية و ليست بالهينة و لا بالسهلة , و لكن الانسان لا بد له أن يخوضها مهما مر به الزمن , فكل انسان معرض لها و سوف يخوضها , و لكن ما هي نتائج الخسارة ؟؟؟
النتائج هي كالتالي :
1- يصبح الانسان عبدا لشهواته , فلا يهمه الحلال من الحرام , انما المهم ارضاؤها
2- يموت القلب و يموت الحياء و لا يبقى منه الا القليل حتى يتلاشى ...
3- يضفي على القلب غشاوة سوداء داكنة تغطيه فتحجب الحقائق عنه
4- تموت النفس الصالحة في القلب , لتولد انسانا ليس بانسان يمشي الى الشهوات و حسب
5- بدلا من أن يكون القلب لله خالصا , و بدلا من أن اهبه لله تعالى فأقول لبيك ربي , يكون القلب للنفس الأمارة بالسوء , لأقول لها لبيك لبيك...
هذه هي نتائج الاستسلام , و التي تودي الى الهلاك .
اما نتائج المقاومة , و عدم الاستسلام , ومحاربة هذه النفس الأمارة بالسوء نتائجها رائعة ب أكثر من رائعة و الله , حيث يصبح الانسان بقلبه و عقله و قواه و كامل كيانه عبدا لله , فيهدي القلب الى الله , فلا يرضى الا الحلال , فيحيا القلب و يغدو ناصعا يبرق و يتمتع بحماية لا مثيل لها , يتمتع بحماية الايمان , فتحيا به نفس صالحة خالصة لله تعالى , فيتولد لنا انسان صبورا شموخا لا تهزه الدنيا بما فيها , لأنه وقتها يعلم ان له الله , و يعلم ان له الآخرة من عند الله و الآخرة الحسنة ...
نتائج و لا أروع و الله , و انسان رائع انت أيها المقاوم , انسان رائع انت يا من تغلبت على العدو الرئيسي ....
أما الآن نأتي الى العدو الثاني , ألا و هو الشيطان , الشيطان الذي الذي يحاول غزو قلوبنا , الذي يحاول ان يضلنا عن الطريق الصحيح , عن طريق الحق , عن طريق الله ....
أخبرنا الله عن الشيطان أنه عدو لنا , و حذرنا منه , و بات هو العدو الأساسي و الأول , و لكن لماذا ؟؟؟
لأن الشيطان يأتينا مكرا و غدرا , فيضلنا عن الحق الى السوء , و يمكر بنا و يغدرنا , و لكن كيف ذلك؟؟؟؟
قد يكون بعضنا ذاهب الى الصلاة , فيرى القمامة أمام المسجد , الآن يأتي الشيطان , فيدل الانسان الى ازالة القمامة و تنظيف واجهة المسجد و ذلك بهدف تأخيرنا عن الصلاة و ابعادنا عنها...
ان الشيطان ماكر , و لكنه ضعيف , و لا يقوى على مواجهة واحدة , ألا و هي مواجهة كلام الله , فمن كان مؤمنا خاضعا لله مستسلما له و لا يخاف غيره و لا يتوجه الا له , و دائم الحفظ لكتاب الله , و دائم على ذكر الله , ان هذا الانسان لن يقوى عليه الشيطان أبدا .
نعم اخواني , هذان عدوان خطيران , و البيل الوحيد للنجاة هو المواجهة , و السلاح الوحيد هو التوجه لله و اتباع دينه و تلاوة كتابه و الدعاء له و ذكره في كل حين .
********
اما الخلاصة التي أريد الوصول اليها , هي أن أعداءنا يريدون النيل منا , و يريدون النيل من ديننا , و من أخلاقنا , و ذلك عبر غزو قلوبنا بواسطة المحطات التلفازية و ما نراه من موضة و غيرها , و أما الانترنت فحدث و لا حرج و العياذ بالله , فينشرون في مجتمعاتنا الرذيلة و نحن نستقبلها , فنستضيفها في بيوتنا و نقبلها على أبنائنا و نعتادها للأسف , و بذلك ألا يكون هذا استسلام ؟؟؟؟
و لكن ماذا أقول لأقول , أخي المسلم انّا نعلم أن الله شديد العقاب بقوله : (خذوه فغلّوه ثم الجحيم صلّوه ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه) سورة الحاقة :30,31,32
بالله عليكم من يتحمل هذا العذاب , من العاقل الذي يعلم أنه اذا عصى الله سوف يلاقي هذا العذاب فيعصي , اتقو الله اخواني .
و كما اننا ذكرنا عقاب الله الشديد نذكر ما يكافئ به المتقين حيث يقول في كتابه الكريم المحكم التنزيل : (قواريراْ من فضة قدروها تقديرا و يسقون فيها من كأسا كان مزاجها زنجبيلا عينا فيها تسمى سلسبيلا يطوف عليهم ولدان مخلدون اذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤاًَ منثوراًََ و اذا رأبت ثمَّ رأيت نعيما و ملكا كبيراًََ عليها ثياب سندس خضر و استبرق و حلواْ أساور من فضة و سقاهم ربهم شرابا طهوراً ان هذا كان لكم جزآءً و كان سعيكم مشكوراً ) سورة الانسان : 16,17,18,19,20,21,22
المقارنة الآن أصبحت سهلة و واضحة , و لكل انسان أن يختار , و لكن لا بد له أن يحتكم الى العقل و الصواب و الحكمة , و كل ناصح له أجره , و كل من أخذ النصيحة و عمل بها كسب كثيرا .
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته