المواطن الفلسطيني.. بين تقدير حماة الأقصى والنقمة على بائعي "تقرير غولدستون" (تقرير)
الضفة الغربية - المركز الفلسطيني للإعلام
أثارت فضيحة "تقرير غولدستون" موجة غضب عارمة في صفوف الفلسطينيين في الضفة الغربية بقيت مكبوتة بحكم حالة الكبت الأمني الذي تمارسه سلطة رام الله التي لا تسمع سوى نفسها ولا ترى إلا بعينها.
ويُلاحَظ في المجالس الخاصة والعامة أن درجة النقمة كبرت بكثير على سلطة المقاطعة؛ فقد ازدادت قناعة المواطنين أن هذا الجسم المسمَّى "السلطة الفلسطينية" أصبح عبئًا على المشروع الوطني الفلسطيني برمته.
نهجان لا مجال لالتقائهما
يقول المواطن وائل الديراوي: "لقد تزامنت "فضيحة غولدستون" مع الهبَّة المشرِّفة التي نظمتها وقادتها الحركة الإسلامية في فلسطين المحتلة عام 1948 بقيادة الشيخ رائد صلاح؛ لنكون أمام نموذجين في نفس الوقت: نموذج يفرِّط في الحقوق حتى النهاية، ونموذج يتمسك بالحقوق حتى النهاية.
ويضيف الديراوي: "إن تزامن أحداث الأقصى مع هذا السلوك المَشين لسلطة رام الله يدل على أننا أمام نهجين لا مجال لالتقائهما؛ لأن الفرق بين المرونة السياسية والتفريط كبير".
ويشير المواطن خالد السلايمة إلى عدم استغرابه ما حدث فيقول: "كنت سأستغرب لو مضت سلطة رام الله في متابعة التقرير حتى النهاية.. إنني لا أذكر منذ أن تولى محمود عباس رئاسة السلطة قبل خمس سنوات أنه قال "لا" مرة واحدة للكيان الصهيوني أو لأمريكا؛ حتى إنني أذكر أن كثيرًا من زعماء العالم انتقدوا جورج بوش في أواخر أيام حكمه بسبب ما جلبه نهجه على العالم من كوارث، باستثناء عباس الذي خرج لوسائل الإعلام يمتدح فترة حكم بوش".
ويرى السلايمة أن الكيان الصهيوني ليس بحاجةٍ إلى استخدام وسائل ضغط كبيرة على هذا النوع من القيادة لكي يقدِّم تنازلات أو يسحب التقرير؛ فمجرد التهديد بسحب امتيازات ومكاسب فردية كفيلٌ بأن يجعلهم يتنازلون عن كل شيء؛ لأن القضية عندهم ليست أكثر من مشروعٍ اقتصاديٍّ يتكسبون من ورائه".
التورُّط في حرب غزة
ويشير الحاج ناظم السيد إلى أن من تورَّط في حرب غزة مع الصهاينة لا يحق له أن ينوب عن الشعب في ملاحقة مجرمي الحرب الصهاينة؛ لأنه طرفٌ، وكان حريًّا بـ"حماس" أن تقدِّم ما لديها من أدلة حول تورُّط سلطة رام الله في حرب غزة إلى منظمات حقوق الإنسان والدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان؛ لكي تثبت أنه لا يحق لهذه السلطة أن تؤتمن على هذه القضية من الأساس.
وأضاف السيد: "أعرفهم جيدًا.. سيعزفون الآن على وتر الوحدة الوطنية التي لا يعرفونها إلا إذا كانوا في مأزق؛ حتى يخرجوا من هذه الأزمة من خلال مصافحاتٍ فارغةٍ.. هذا نهجهم على الدوام".
ويتابع السيد: "المواطن الفلسطيني ليس بحاجةٍ إلى أن يخبره "الإسرائيليون" عن وجود أشرطة تسجيل تثبت تورُّط قيادة رام الله في التحريض على حرب غزة.. لقد سمعتها بأذني من "ضابط أمن" فلسطيني: إننا مستعدون لدخول غزة مباشرة في حال تمكُّن "الإسرائيليين" من هزيمة (حماس)".
عن قناعة لا بضغوط
ويرى وليد الفقيه أن هناك مثلثًا يطبق على السياسة الفلسطينية في رام الله يقف على رأسه ثلاثة أشخاص لن تقوم للقضية الفلسطينية قائمة في ظل وجودهم، وكل واحد فيهم يتولَّى مؤسَّسة لا شرعية؛ هم محمود عباس المنتهية ولايته قبل عام، والذي يطبق على مؤسَّسة الرئاسة، وسلام فياض الذي لا يمثل إلا نفسه في المجلس التشريعي ويطبق على مؤسَّسة رئاسة الوزراء، وياسر عبد ربه الذي طرد من كل فصيل دخله ويتولى اليوم أمين سر اللجنة التنفيذية لـ"منظمة التحرير".
ويقول الفقيه: "طالما يطبق هذا الثالوث على مؤسَّسات صنع القرار الفلسطيني فلن تقوم للقضية الفلسطينية قائمة؛ لأن ثلاثتهم ليس لديهم مشروع سياسي فلسطيني؛ فهم يؤمنون بالحل الاقتصادي الذي يطرحه نتنياهو، ويسيرون فيه حتى النهاية؛ فكل سلوكهم خلال السنوات الماضية يشير إلى أنهم أصحاب مشروع اقتصادي لا سياسي".
المتتبع لفضائح سلطة المقاطعة في رام الله يلمح إرهاصات انهيار هذا المشروع الذي أضرَّ بالحقوق الفلسطينية؛ فلم يكد محمود عباس يخرج من اتهامات القدومي له بالتورُّط في اغتيال الرئيس الراحل ياسر عرفات حتى تلقفته تصريحات وزير خارجية العدو أفيغدور ليبرمان حول حثِّ سلطة عباس العدوَّ على الاستمرار في حرب غزة الأخيرة، وما إن خبت نارها حتى لفحته نيران "فضيحة غولدستون" وصفقة شركة هواتف نقالة لصالح ابنه مقابل دماء 1400 شهيد.