السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كثير جدا من النساء عند الذهاب إلى سوق الملابس مثلا .. ولو أحبوا شراء أي ثوب
كثير ما يعجبهن شكله وهو معروض على ( المنيكان ) او المليكان كما يسميه البعض .. وهو تمثال الملابس الذي يعرضون عليه الثياب .. ولكن عندما يرتدينه للتجربة يلاحظن أنه لا يلائمهن أو انه ليس بذلك الجمال الذي لاحظنه وهو على تمثال الملابس
ربما لاختلاف حجم هذا التمثال المصمم بعناية فائقة بمقاسات عالمية وبمثالية منقطعة النظير أحيانا .. فلا يكاد البائع يرمي عليه أي قطعة ملابس إلا وجدت بأجمل هيئة
وهذا ما يطلق عليه البعض مثل ( القالب غالب ) يعني أن الجمال في تصميم التمثال ولو أن هذا الثوب ارتدته سيدة اخرى او لما ظهر بهذا الجمال
وعليه كثير من النساء تتمنى لو انها تمتلك جسدا مثاليا مثل جسد تمثال الملابس او ما يقاربه .. وتتبع وصفات معينة او ريجيم معين وتمتنع عن كثير من الأكلات التي تحبها ولكن في سبيل وصولهن إلى أقرب درجة للكمال المقارب لهذا التمثال المنقطع النظير
حديثي ليس عن التمثال ولا الملابس .. ولكني ضربت لكم هذا مثلا كي أقرب فكرتي
الانسان بحاجة دائما لأن يرى نموذجا مثاليا متكاملا أمامه في كثير من أموره ليكون " مقياسا " يقيس عليه نفسه ولأي درجة اقترب او ابتعد عن هذا النموذج المثالي
فالمنيكان هو نموذج الملابس المثالي .. على سبيل المثال
وقس عليه أمور كثيرة
الآن .. سؤال لكل فتاة وامرأة مسلمة
هل وضعت في ذهنك أو أمام عينيك نموذجا معينا مثاليا تقيسين نفسك عليه ؟ وتعرفين مدى قربك أو بعدك عنه ومن ثم تعيدين حساباتك باستمرار كي تحافظي على خط سير معين يقودك للاقتراب من هذه المثالية المنشودة !
قد نقول جميعنا نعم .. وقد يقول أكثرنا انهن أمهات المؤمنين زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم
ولكن فعليا !! .. هل هذا واقع نعيشه وهل فعلا كل فتاة او امرأة تقيس نفسها بزوجات الرسول صلى الله عليه وسلم كي تعرف مدى قربها او بعدها عن الوضع المطلوب ايجاده كي تتحلى بأخلاقيات المسلمة وسلوكياتها
في حياتها اليومية .. في حياتها الاسرية مع أهلها .. في حياتها الزوجية مع زوجها .. مع ابنائها .. مع جيرانها .. مع ضرائرها حتى !
بل لو أتى أحدهم وسألك ما الذي كان يميز كل واحدة من زوجات الرسول عن الأخرى .. او لخصي شخصية كل واحدة منهم بكلمات .. فهل نستطيع أن نعكس صورة حقيقية عن شخصية فلانة او فلانة من امهاتنا رضي الله عنهن ؟
سبحان الله زوجات النبي صلى الله عليه وعليهن أجمعين .. نموذج كامل متكامل للمرأة المسلمة
حيث تميزت كل منهن بميزة فريدة تخصها عن غيرها .. إضافة إلى أنهن كن جميعا مسلمات مثاليات
دون أن يخرجن عن طبيعة المرأة البشرية
لا يعني اننا عندما نتحدث عن امهات المسلمين وعن زوجات النبي صلى الله عليه وعليهن وسلم .. اي اننا نتحدث عن نموذج خارق للعادة .. او شيء فوق المقاييس او مثالية يصعب الوصول إليها .. بل على العكس فإن الرسول صلى الله عليه وسلم وهو النبي المبعوث لم يكن خارقا للعادة بل كان بشرا رسولا .. وكثيرا ما ركز القرآن الكريم في آياته على بشرية رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى طبيعته البشرية التي لا ترتفع عن حدود البشر إلا في أمور خاصة بالرسول صلى الله عليه وسلم
اما كنموذج بشري فلم يكن خارقا للعادة .. كان زوجا يسهل على كل الازواج الاقتداء به .. كان أبا يسهل على كل الآباء الاقتداء به .. كان صاحبا يسهل على كل الاصحاب الاقتداء به .. كان قائدا يسهل على القادة الاقتداء به
فلم يكن يأتِ بالخوارق في حياته اليومية كي يأتي البعض ويقول كما يفعل الكثير .. كلما ذكرهم أحد بأمر وقال لهم كان الرسول صلى الله عليه وسلم يفعل كذا . يقولون بتفذلك فريد ( هذا الرسول .. ومين مثل الرسول ؟ لما نكون رسل رح نكون مثله ) !!
وهل كان الرسول صلى الله عليه وسلم إلا بشرا في بيته .. بشرا مع زوجاته .. مع بناته .. مع اهله واقربائه .. مع اصدقائه .. مع المسلمين .. حتى مع اعدائه !!
أيصعب على الزوج أن يعامل زوجته كما فعل الرسول .. ايصعب ان يعامل الاب بناته كما فعل الرسول .. أيصعب على الصاحب ان يكون صاحبا كما كان الرسول صلى الله عليه وعلى اله وأصحابه وسلم !
هذه ( حجة المفلس ) ان صح القول في أن الرسول كان رسولا .. واننا لسنا برسل
عودة إلى النساء .. وهذا كان الحال مع الرسول صلى الله عليه وسلم فكيف مع نسائه وهن بشر يعني حتى حجة ( اننا لسنا رسل ) المفروض انها ملغية تماما هنا في الحديث عن النساء المسلمات .
هل قرأتِ مرة سيرة نساء النبي وحاولت أن تجدي نفسك في إحداهن مثلا ! ..
هل رأيت أنك تقاربين في كثير من مواقفك او طبيعة شخصيتك السيدة خديجة رضي الله عنها الرزينة الهادئة الحنونة العاقلة المتفهمة التي كانت تتنازل لزوجها لكثير من رغباته دون أن تضيق عليه .. التي كانت بمثابة أم حنون له في الوقت الذي كان بأمس الحاجة لأم .. وزوجته المساندة عندما كان بأمس الحاجة للزوجة الوفية .. حتى ظل يذكرها بعد مماتها طول عمره مما اشعل نار الغيرة في زوجاته منها خصوصا السيدة عائشة !
هل وجدت انك تقاربين أكثر مثلا السيدة عائشة الغيورة الصغيرة المليئة بالحيوية والنشاط والحركة المرحة المزوحة صاحبة الروح الطريفة صاحبة المشاكل المحببة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم التي لم تكن توفر جهدا في الانفراد به صلى الله عليه وسلم وطرد كل من تنافسها عليه ؟
هل قاربت أكثر السيدة حفصة بنت عمر مثلا رضي الله عنهما التي ورثت عن أبيها عزة النفس وقوة الشخصية والثقة الكبيرة بالنفس وعدم التنازل عن اي حق من حقها مهما كان ومهما كلفها ذلك حتى لو راجعت زوجها الرسول صلى الله عليه وسلم مرارا وتكرارا ! حتى أن أباها عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لها بأن الرسول لا يحبها وأنه لولا انه ابوها لطلقها الرسول .. وعايرها بأنها ليست مثل عائشة بجمالها وصغر سنها ودلالها وعليها أن لا تفعل مثلها .. إلخ ..
يريد منها أن تكون هادئة مع زوجها لا تراجعه في أموره ولا تتدخل في عراكات الضرائر فتزعجه .
هذه الكلمات قد تزلزل كيان الزوجة خصوصا إذا أتت من أبيها .. إلا أنها لم تستكين ولم تسكت عن حق لها بل ازدادت عندا وازدادت اصرارا على أن لا تتنازل عن حقها ابدا لا لعائشة ولا لغيرها ..
هل رأيت أن شخصيتك تميل بعض الشيء إلى السيدة حبيبة رضي الله عنها الهادئة القنوعة التي كانت تكتفي ببقائها مع الرسول صلى الله عليه وسلم دون الدخول بمشاحنات ومشاكل كما كانت السيدة عائشة رضي الله عنها !
هل تقاربين السيدة أم سلمة رضي الله عنها المعتدة بنفسها رغم كبر سنها بعض الشيء .. لا تأبه بما يفعلنه زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم من الكيد لها .. الراجحة الفكر التي لها مواقف مميزة في رجاحة عقلها ومشورتها المشهورة للرسول صلى الله عليه وسلم يوم أبى الصحابة ان يحلقوا ... إلخ من القصة المعروفة
هل تحبين أكثر أن تكوني كالسيدة زينب رضي الله عنها أم المساكين التي تركت كل دنياها بما فيها وتركت حال ضرائرها والتفتت لاطعام المساكين والتصدق عليهم حتى شهدت لها ضرائرها بذلك !
هل رأيت مثلا كيف كانت مارية ملكة يمين الرسول صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنها .. وطموحها الكبير في أن تكون كهاجر مع سيدنا ابراهيم وان تكون مميزة رغم انها ليست زوجته حتى من الله عليها بابنها ابراهيم وميزها بذلك عن زوجاته حتى كدن يمتن من الغيظ .. وحقق لها ما كانت تطمح إليه وتطلع إليه دائما
:
:
إلخ من زوجات الرسول صلى الله عليه وعليهن وسلم
أين أنت منهن .. من تقاربين .. من أحبهن إليك مثلا .. من أقربهن إلى شخصك من تطمحين أن تكوني صورة مصغرة عنها
من تأملين أن تكون أول من تلقينها يوم القيامة من بينهن !
يعني في الحقيقة عندما قرأت كتاب زوجات النبي صلى الله عليه وسلم الموجود حاليا بنافذة البخاري الاسلامية هنا في نوافذنا
رأيت نماذجا رائعة جدا رغم اننا جميعا نعرف ذلك .. إلا ان التوغل في شخصيات امهاتنا وفي نفسياتهن وفي حياتهن وسيرتهن تجعل احدانا تقف طويييييلا جدا أمام بعض المواقف أو بعض التصرفات البشرية الرائعة حتى في مشاكلها واخطائها إلا انها تعكس نفسا بشرية صافية مميزة ترمي كل من يقول بخوارق الامور عندهن .. بل على العكس نجد فيهن أقرب النساء إلى قلوب النساء المسلمات وأعظمهن صورة يمكن ان ننشدها .. ونموذجا حيا أمامنا كان وما زال بين ظهرانينا في سيرتهن الرائعة يحكين لنا عن مواقفهن ويتقربن منا أكثر وأكثر كي نختار دائما أن نكون مثلهن ونسلك طريقا واحدا للوصول إلى مثالية تحلين بها .. ولتقل إحدانا أنا قريبة جدا بشخصيتي من فلانة من امهاتنا رضي الله عنها
وانا احب كثيرا ان اكون مثل فلانة من امهاتنا رضي الله عنها
لتحاول كل واحدة منا أن تجد نفسها أكثر في إحدى زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم أو في اثنتين منهن ولتسعى بعد ذلك باتباع كل ما يقربها لتكون أقرب وأقرب وأقرب منها رضي الله عنها لتقابلها يوم القيامة وتقول لها أنا كنت اشبهك بكذا وكذا ..
اللهم اجمعنا بهن يوم القيامة واجعلنا بصحبتهن في جنات النعيم لا نفارقهن ولا نحرم من رؤيتهن كما حرمنا منهن في دنيانا اللهم وقدرنا على أن نتبع سبيلهن ونتقرب إليك بسيرتهن واتباعهن واشهد على محبتنا لهن حبا يعمر قلوبنا .. وبيض وجوهنا يوم تسود وجوه وتبيض وجوه وارحمنا برحمتك التي وسعت كل شيء إنك سميع قريب مجيب الدعاء
والحمد لله رب العالمين