السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
ها قد أتى الصيف الحار و و اتى زمن الأنهر و البحار , أتى وقت اللهو و اللعب مع فراشات الحب المتناثرة في
أرجاء جبالنا و أوديتنا , أتى وقت لاستجمام تحت أشعة العلم الذي قضينا ما قضينا في تلقنه ..
و لكن نظرة واحدة قلبت موازين الفكر و القلب و الوجدان , و انتقلت بي الى عالم غير عالمنا , و صيف غير صيفنا ..
نعم .. نظرة واحدة ...
فجأة و بدون أي منازع رأيته يلهث تعبا , فما بادرتني نفسي الى أن أنظره نظرة المحبين , لأراوده بسؤال بسيط دار
في نفسي حتى قتل صبري .. من أنت ؟!
قال : انا !!!
فقلت : أراك لاهثا و الناس لاهية , أرى لثاما عليك و العرق يتصبب , أرى غريبا ..
فتبسم و قال : ما الغريب !!
فقلت : هذا البحر ينادي لنرتمي بين أحضانه , و الأنهر تجر مياهها بعشق لأن تلاقينا , و الفيء و اللهو أمر لا محال ,
فلا تكاسل اليوم على اللعب ..
فنظر الى الأرض و عيناه تمتلئ عزا قتل في قلبي اليقين بأنه غريب , ثم قال بنظرات العز : ان كان البحر ينادي فإنه ينادي من يسمع
النداء , و لكن نداء البحر و لنا نداء الثغور , فلا تظن أن البحر لا ينادينا , فلو حانت فيه المنايا فنحن المقبلين , و إن حانت ساعات اللهو
فيه فنحن المدبرين .. و الأنهر بخريرها تحيي أبطال العز في القدس , تشتاق نزف عروقهم على ضفاف عشقها , فلا تخالنّ النهر
بات للهو , فما كان ساترا لنا يوما الا النهر , فكانت الكلاب بضلال يليه ضلال .. و ان كانت تحلوا الحياة بالفيء فنحن نعشقه , فلا
ننسى يوم أغوى العدى فنلناهم , و لا ننسى يوم غنمنا بين أحضانه فرحين .. و اللعب اليوم بات تكاسلا , و الفرح بات تهجما , فكيف
تحلوا لنا فرحة و القلب ينزف عشقا لقدس دنست , و ضفة بالصهيونية و الخيانة أغرقت , و غزة دماء أبنائها أريقت ..
هنيئا لمن لبس اللثام يا أخي ..
فنظرته نظرة العاشقين , و رأيت أن شيئا يشدني الى الخلف , و هو يمد يده ليلتقطني من أهوال ما يشدني ..
فنظرني بعز و قال : لا تخف , فالجنان بانتظارك بشوق و لهف , فلا تدنّي النفس للأدنى و هي لك غادرة ..
فقلت له : من أنت
فقال لي : عبد الله
فقلت : كلنا عباد لله
فقال : عبد الله الطائع
فقلت : الكثير منا طائعين
فقال : اذا قريبا عبد الله الشهيد
فبكيت لما رأيته , نظرات حاسمة , ثبات لا نراه الا في أسود ضاريات , و فخر امتلأ به حتى فاض نهرا ليسقينا منه
فقلت له : و كيفغ أكون معكم
فقال : أهلا و سهلا بك أخيا
فقلت : أين نراكم
فقال : حيث تريدنا , حينما ترى العدو تقدم ترانا حراسا , و عندما تسمع صوت الهدير فاعلم أننا أقبلنا , و ان سمعت صوت
البحر يموج فاعلم أن دماءنا تسيل , و اذا سالت دماؤنا فإننا لكم مشتاقين ..
فأخذ بيدي و رحل و إياي .. و ناولني اللثام و الراية , و قال : أهلا بك في ربع " القسام " يا أخي ..
أخوتي في الله : هذا الصيف قد حل علينا , و نحن نقبل للتفكير كيف نلهوا , فقط دعونا للحظة من لحظات هذا الصيف
نفكر برجال يتشوقون فيئا , و يتمنون بحرا و ماءا , رجالا وهبوا أنفسهم في سبيل الله .. تفكروا أخوتي قليلا .. و لا تنسو
أن الله خلقنا لنعبد و ندعوه , و لكن نتمنى أن نرى العزائم في الرخاء و الشدائد ..
الضفة تنادي من هدير العدوان والخيانة .. غزة تنادي من هدير العدوان و الحصار .. و القدس يئنّ من هدير الاستيطان الشيطاني
فمن سيسمع النداء !!!!!!؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته