السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
إني أشكوا ضعف قوتي , و قلة حيلتي , و ما لي الا أن أرجوا الرحمن أن يرحمني , عشت دهرا كاملا
و ما لي الا أن أستغفرك اللهم عن كل ذنب كان , كل أمر كان , و أشكوا اليك اللهم جرأتي و حماقتي
التي أوصلتني الى أن أعصيك رباه .
كم نحيا من العمر هذا , هذه الحياة ترمي بنا بين أحضان النفس الأمارة , فما نرى أنفسنا الا ونحن غارقين
ظهرا على بطن في خواطرها , و سرعان ما تنهمر الأيام كزخات المطر العتيد , فتتراما بنا الذكريات بكل
لحظة من عمرنا , نعم .. انه الموت يناشدني ..
رحماك ربي فما لي من حيلة الا رحمتك ..
ماذا أقول لأقول و هي لحظة الفراق تناشد أوجاعي , ماذا أشكوا و انا في وحشة و غربة مريرة
فلا يعينني الا من أسرفت في معصيته , لا يعينني الا ربي العزيز الجبار ..
رحماك ربي فما لي من حيلة الا رحمتك ..
ربي قد زاد الأنين , و ضعفي المهين يقتلني , فأرتجيك رباه طالبا العفو و الغفران , فلا منجى لأوجاعي الا أنت
يا أرحم الراحمين ...
في وحشة الليل أتاني , و في وحشة الليل قتل عزيمتي , و في وحشة الليل أربك قوتي , نعم , ألم الاختضار
المرير , و ما أقصاها من لحظات , قد لا يظنها البعض قاسية , انما قسوتها بأنها تأتينا بغتة ..فلا مجال لأن نرمي
نظرات حب لمن أحببنا , و لا مجال لأن نرسم البسمة على ثغور من أحببنا , و لا مصير الا ما قدره الله ..
هنا القسوة تأتينا , و هنا الغربة تناشدنا , فيصير الريق مريرا كالعلقم , و ترى الأوصال في ترنم , و ترى البصر خاشعا
فما يفيدني وقتها الا أن أذكر الله ..
أترى اللحظة التي تشتعل فيها ضلوعك حريقا , و تقترب من اللحد تارة و ترى الأمر تارة , لكن أين المنجى , هذه
هي اللحظة الحاسمة , لحظة الفراق و الأنين , لحظة سكرات طالما تعوذ منها الحبيب الأمين ..
و ها أنا أصيح صرخة بعد السكوت الطويل , و ها أنا أرمي أوجاعي على أحبتي لينظروني آلما متوجعا أتناول جرعات
الموت , ها أنا أفارق من أحب , ها أنا أصارع ذنوبي , فكم أسرفت في الأرض عابثا , و كم أمضيت في الغم و الهم
لاهيا , و كم تمرغت في ذلة المعاصي متخاذلا , فما إن حانت اللحظة الا و أنا أستذكر كل لحظة ألم عند الفراق ..
ها انا أقترب منه , ذاك الرداء الأبيض , ذاك الرداء الذي نخشى , ذك الرداء الذي لا يرتديه الا من أصبح بين يدي الله ..
يا الله إني أسرفت في الأرض عابثا فارحمني , فأنت مبتغاي رباه فأعزني برحمتك و لا تخزني يوم العرض ..
فيا من ترى في الموت حيرة , فلا تبخل على نفسك بالإحسان , و يا من ترى الأقوياء ضعافا , تأمل في رحمة الله و
كن بإيمانك قويا , و يا ترى الدماء تسال , فسارع الى ساحاتها مجاهدا و لا تبخل على نفسك بالرضى من الجبار ..
اللهم أشكوا اليك ضعف قوتي و قلة حيلتي و هواني يا رب العرش العظيم
اللهم أسألك الرحمة يوم تبتليني
اللهم أسألك الرأفة يوم تأخذ الأمانة
اللهم أسألك المغفرة يوم تبعثني
اللهم أسألك الستر بوم العرض
اللهم أسألك الثبات في الحشر و أسأل اللهم الثبات في القبر
اللهم أسألك الجنة فما لي الا رحمتك يا كريم
و ها قد ناداني الموت مناجيا , و القرآن شاهد لي , و صلاتي شاهدة لي , و رسولي شافع لي
و لكن رحمتك ربي أولا و آخرا , فأنا العبد و أنت الرب يا الله , فمن يرحم العبد الا الرب يا الله ..
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أخوكم بالله : أبو هريرة