السؤال
أرجو الإفادة عن صحة الأحاديث الآتية: الأول: "من حج البيت ولم يزرني فقد جفاني". الثاني: "من زارني بعد موتي فكأنما زارني في حياتي". الثالث: "من زارني بالمدينة محتسباً كنت له شفيعاً شهيداً يوم القيامة". لأنها وردت في بعض الكتب وحصل منها أشكال واختلف فيها على رأيين أحدهما: يؤيد هذه الأحاديث. . والثاني لا يؤيدها؟
الجواب
أما الحديث الأول: فقد رواه ابن عدي والدارقطني من طريق عبدالله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي، - صلى الله عليه وسلم- بلفظ: "من حج ولم يزرني فقد جفاني". وهو حديث ضعيف، بل قيل عنه: إنه موضوع أي: مكذوب، وذلك أن في سنده محمد بن النعمان بن شبل الباهلي عن أبيه وكلاهما ضعيف جداً، وقال الدارقطني: الطعن في هذا الحديث على ابن النعمان لا على النعمان، وروى هذا الحديث البزار أيضاً وفي إسناده إبراهيم الغفاري وهو ضعيف، ورواه البيهقي عن عمر، وقال (وإسناده مجهول).
أما الحديث الثاني: فقد أخرجه الدارقطني عن رجل من آل حاطب عن النبي، صلى الله عليه وسلم، بهذا اللفظ، وفي إسناده الرجل المجهول، ورواه أبو يعلى في مسنده، وابن عدي في كامله، وفي إسناده حفص بن داود، وهو ضعيف الحديث.
أما الحديث الثالث: فقد رواه ابن أبي مالك - رضي الله عنه - عن النبي، صلى الله عليه وسلم، عن سليمان ابن زيد الكعبي وهو ضعيف الحديث من طريق عمر، وفي إسناده مجهول. وهذا وقد وردت أحاديث صحيحة للعبرة والاتعاظ والدعاء للميت. أما الأحاديث الواردة في زيارة قبر النبي، صلى الله عليه وسلم، خاصة فكلها ضعيفة، بل قيل: إنها موضوعة.
فمن رغب في زيارة القبور، أو في زيارة قبر الرسول، صلى الله عليه وسلم، زيارة شرعية للعبرة والاتعاظ والدعاء للميت والصلاة على النبي، صلى الله عليه وسلم، والترضي عن صاحبيه دون يشد الرحال، أو ينشيء سفراً لذلك فزيارته مشروعة ويرجى له فيها الأجر. ومن شد لها الرحال أو أنشأ لها سفراً فذلك لا يجوز لقول النبي، صلى الله عليه وسلم: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى". رواه البخاري ومسلم. وحديث: "لا تتخذوا قبري عيداً ولا بيوتكم قبوراً وصلوا عليَّ فإنَّ تسليمكم يبلغني أينما كنتم". رواه محمد بن عبد الواحد موسي في المختارة. والله أعلم.
سماحة العلامة المفتي: عبد العزيز بن باز رحمه الله