تساؤلات حول عرب الداخل
كثيرا ما واجهت صعوبة في شرح معنى كلمة "عرب الداخل" أو "عرب ال48", أو حتى "عرب اسرائيل". والحقيقة أني إستأت كثيرا جدا في بعض المنتديات عندما كنت أرى معلومات خاطئة وأسئلة خاطئة ودنيئة من أشخاص لا يعرفون معنى عرب الداخل. ذات يوم أبعدت من منتدى بسبب شتمي لأحد الأعضاء فيه, حيث أنه طرح سؤالا سخيفا يدل على سخافته وتخلفه. ذاك السؤال يدور حول عقيدة عرب ال48 بأنهم يهود أم ليسوا يهودا. وعندما وضعت ردي لسؤاله, تم ابعادي بحجة الشتم والتجريح, وأنا لا أنكر أني "مسحت" أرضية المنتدى بذلك الشخص, فالحقيقة أني إستشط غضبا.
هذه المرة سأحاول التطرق لنقاط كثيرة كي أضع – ولو بصورة بسيطة – النقاط على الحروف. عرب الداخل هم أهل فلسطين الذين لم يولوا الأدبار في عام 1948 ولذلك سموا أيضا بعرب الـ48, معظمهم مسلمون والبقية منقسمة بين مسيحيين ودروز. عرب الداخل, هو مصطلح يدل على المواطنين في داخل الخط الأخضر.
الهوية, تلك البطاقة الزرقاء والتي يعايرنا بها الإخوة العرب, هي عبارة عن بطاقة "إقامة" للعرب تحت حكم اسرائيلي رغم أنف الحكم الاسرائيلي, وبالتالي فان هذه البطاقة الزرقاء لا تعتبر سوى بطاقة لتنظيم اوراق المعاملات والتسجيل للجامعات والتسجيل في البنوك, كما انها مفيدة في الصيف لإستخدامها كمروحة ورقية.
التجنيد في اسرائيلي اجباري لكل يهودي, ودرزي عدا الحالات التي تستدعي الاعفاء. وبالتالي فهي ليست اجبارية للعرب المسلمين والمسيحيين, اي ان كل عربي يخدم في الجيش الاسرائيلي فان خدمته تطوعية بحتة ولا تمت للخدمة الاجبارية بشيء. بالنسبة للاعفاء من الخدمة فهنالك طرق عدة يتبعها الكثير من الشباب اليهودي للهروب من الخدمة العسكرية, منها الكسور في العظام كالأرجل والأيادي, وهي طريقة ناجعة لمن أراد الهروب من الخدمة العسكرية. لكن الهروب له سيئاته, فالهاربون من اليهود لا يأخذوب حقوقهم كما هي الحقوق التي يحصل عليها المجندون. وبالنسبة للعرب فإنهم لا يحصلون على الامتيازات التي يحصل عليها المجندون.
الحقوق والمساواة, هي مصطلحات أكثر منها واقعا. لكنها على كل حال, مطاطية حسب الظروف والأحداث المحيطة بالمجتمع الاسرائيلي ككل. فالعنصرية التي نشعر بها كعرب مثلا أصبحت عادة روتينية في كل أنحاء الحياة, في التعليم في العمل, وحتى في حرية التعبير عن الرأي.
حرية الدين والاعتقادات مفتوحة أمام الجميع, لكنها تقف عن ضوء أحمر يسمى "الأمن الوطني" لدولة اسرائيل, فان شعرت الحكومة بأي نوع من التطاول على أمن المواطنين فانها تقمع هذا التطاول دون الرجوع لأحد وتضرب بعرض الحائط كل القيم والأعراف. حرية الدين مضمونة للجميع وباستطاع اي خطيب ان يدلي بخطبته في اي موضوع يريد لكن دون التعرض لأمن الدولة العبرية. ودون التحريض على اشخاص او جهات ايا كانت, فكثيرا ما سمعنا عن استجواب خطباء من قبل المخابرات.
الحياة هنا مضطربة وغريبة نوعا ما, لكنها حياة بأي شكل وبأي ثمن, انها كفاح دون سلاح, مجرد التواجد وسط اليهود يعتبر تحد وكفاح, وكيف لا ونحن نتفوق عليهم شيئا فشيئا, في الترابط الأسري, في الاحترام للعقيدة وللدين, في التفوق التعليمي, وفي الاقتصاد أيضا, انه تحد لا ينتهي, انه كفاح بكل ما للكلمة من معنى. نحن الباقون في اراضينا عندما تخلى عنها الاخرون, وأرى العجب العجاب من السفهاء في العالم العربي من الذين يطرحون أسئلة ساذجة. فربما عرفوا الآن من هم عرب الداخل.