إهانة جديدة للمقدسات الإسلامية، هذه المرة من هولندا، والمهان ليس الرسول صلى الله عليه وسلم كما حدث من قبل في الدانمارك أو الفاتيكان وإنما القرآن الكريم نفسه، ومصدر الإهانة ليس رسام كاريكاتير أو مخرجا سينمائيا أو كاتبا روائيا وإنما عضو في البرلمان يدعى غيرت وايلدرز.
القرآن كتاب "فاشي" والقصة تبدأ كما ذكرت صحيفة غارديان البريطانية الخميس 29 من نوفمبر/تشرين الثاني حينما أعلن زعيم حزب الحرية وعضو البرلمان الهولندي غيرت وايلدرز أنه يقوم حاليا بتصوير فيلم من المتوقع عرضه يناير/كانون الثاني القادم يسلط فيه الضوء على "الفاشية" الموجودة في القرآن الكريم، وأنه بصدد "الكشف" في هذا الفيلم عن نصوص قرآنية تثبت الطبيعة "غير المتسامحة" لكتاب المسلمين المقدس.
غيرت وايلدرز مشهور في هولندا بالهجوم على الإسلام والتهجم على رموزه ومقدساته، ولا يألو في ذلك جهدا كما فعل من قبل مواطنه المخرج السينمائي فان غوخ الذي أظهر في فيلم له فتيات شبه عاريات وقد كتبت على أجسادهن آيات من القرآن.
كما أن هذين الاثنين لا يختلفان في إهانتهما للمقدسات الإسلامية عما يقوم به حاليا المذيع الأميركي مايكل سافيدج الذي يصف القرآن في برامجه التي تبث على 350 محطة إذاعية بأنه وثيقة للرق والعبودية.
ولا يختلف كذلك عما فعلته من قبل شركة نايكي الأميركية المشهورة في صناعة الأدوات والأحذية والملابس الرياضية بإقدامها على صنع حذاء مكتوب أسفل نعله باللغة العربية لفظ الجلالة "الله".
وكذلك عن الاقتباس الذي أصر عليه بابا الفاتيكان بينديكت السادس عشر حينما قال العام الماضي نقلا عن إمبراطور بيزنطي إن النبي محمد صلى الله عليه وسلم "لم يأت إلا بكل ما هو شرير وغير إنساني".
الإهانة التي جاءت على لسان النائب البرلماني الهولندي هي آخر ما صدر في عاصمة غربية لكنها قد لا تكون الأخيرة.
فكيف يمكن التعامل مع هذه الإساءات المتكررة؟ هل لا تزال دعوات قبول الآخر والحوار بين الأديان والحضارات والثقافات أمورا مجدية وبالإمكان التعويل عليها؟ وكيف السبيل وقد أصبح -كما يقول البعض- من الصعب في العالم الغربي أن يُصان للمسلمين مقدس سواء أكان نبيا أو قرآنا بذريعة حرية الرأي والتعبير؟.
العقل قبل العاطفة مدير مجلس العلاقات الإسلامية الأميركة (كير) نهاد عوض يقول إن الأسلوب الأنجع للتعامل مع كل هذه الإساءات هو النظر في كل إساءة على حدة ومعرفة من يقف وراءها وما هدفه وما إذا كانت خطأ بريئا أم تصرفا متعمدا.
ويؤكد أنه على المسلمين إذا أرادوا كسب معركة ثقافية أو فكرية من هذا القبيل أن يُفشلوا المخططات الهادفة إلى استفزازهم وجرهم إلى سلوكيات انفعالية تأتي بمردود عكسي عليهم وعلى دينهم.
ويقول عوض في اتصال مع الجزيرة نت إنه في كل الأحوال أثبت الأسلوب الهادئ والسلمي، العقلاني غير الانفعالي، القائم على حساب الربح والخسارة، والذي يأخذ في الاعتبار التشخيص الدقيق للإساءة والفهم العميق للجهات التي تقف وراءها والتنظيم المحكم لطرق التعامل معها، أثبت أنه يأتي بنتائج أكثر فعالية من مجرد التظاهرات العاطفية الغاضبة.
الكل مسؤول وتتفق المتحدثة باسم رابطة المسلمات الفرنسيات نورة جاب الله مع ما سبق حيث تقول للجزيرة نت إن الرد العقلاني غير العاطفي الذي يقوم بشرح القضية وتعريف الآخر بأن ما حدث هو إساءة وليس حرية تعبير، والذي ينشط في عقد لقاءات مع غير الملسمين المعتنقين لفكرة أن كل حرية تقابلها مسؤولية، ومقارعة المخالفين الحجة بالحجة، من شأن ذلك أن يجعل المسلمين يكسبون ولا يخسرون.
وتضيف الناشطة الفرنسية من أصل عربي أن هذه الجهود التي تقع على عاتق الجاليات المسلمة في الغرب لا تكفي وحدها ما لم تساندها جهود أخرى من العالم العربي والإسلامي تقوم بها الحكومات والمجامع الفقهية والجمعيات الحقوقية والقانونية والشعوب التي تمتلك الكثير وعلى رأس ما تمتلكه سلاح المقاطعة الذي -على حد قولها- يجب أن تحارب به كل من يسخرون من نبيهم ويهينون قرآنهم. </TD></TR></TABLE>