نعيمه الحاج المشرف العام
تاريخ التسجيل : 16/08/2008 الجنس : عدد الرسائل : 2211 :
| موضوع: إسرائيل تستعين بالتخاذل العربي لترتكب أفظع مجزرة السبت يناير 24, 2009 1:07 am | |
| إسرائيل تستعين بالتخاذل العربي لترتكب أفظع مجزرة تدور رحى المشروع الصهيوني العالمي على محيط كيانه المصطنع في قلب هذا الشرق المبتلي باطماع لا تنتهي، اسرائيل مركز لمحور هذا الشر الذي يزداد شراسة وارهابا كلما اصطدمت اطماعه بمقاومة تقطع عليه طريقه الغاشم الطاحن، والحارق، والقاتل، والحاصر، والقاضم، والمزور، والمستعمر لقد اصبح عنده الذي لا يتحقق بالحرب يتحقق بوسائل اخرى، بالاستفراد بالتجويع بالتركيع بالتقسيم بالاحتلال، بالحلول الوهمية المضللة، بالتعجيز، بالحرب النفسية، بالسلام المزيف، بجعل المقاومة نوعا من الانتحار !
بعد الصفعة التي تلقتها اسرائيل من المقاومة اللبنانية نتيجة الفشل المدوي لعدوانها عليها، جاءت اسرائيل الآن لتجرب نفسها مجددا وهذه المرة مع معقل متقدم صامد اخر، مع غزة، جاءت اسرائيل وهي معززة بالانقسام الداخلي الفلسطيني، وبتخاذل ما يسمى بالسلطة واجهزتها الامنية التي ربطت مصيرها بحلف ـ المعتدلين العرب عرب امريكا وحليفتها اسرائيل ـ هذا الحلف الذي ترعاه امريكا وجد اصلا ليؤمن مسار التطبيع مع اسرائيل وبالشكل الذي تريد، جاء بعد ان اخذ الحصار الشامل على غزة ماخذا من طاقتها وصبرها، جاء بعد أن فشلت كل محاولات احتواء المقاومة فيها، جاء بعد أن اعتقد المعتدون بان استسلام غزة سيكون مضمونا، فالاطراف المتواطئة اعطت تاشيرتها لتمرير العدوان الاجرامي عليها، إن خشية سلطة عباس على تفردها وخشية النظام المصري من تاثيرات الريح الغزاوية المقاومة تلاقت مع النهج الامريكي لتصفية بؤر المقاومة والممانعة التي تعرقل مساعيها لاحتواء كل مكونات الشرق الاوسط الكبير ـ الجمل بما حمل ـ من مصادر طاقة وموقع استراتيجي حاسم في صراعاتها العالمية، وعليه فهي سباقة للدفع باتجاه الاصطفاف الاقليمي للوقوف بوجه المطالب المشروعة لشعوب المنطقة وانظمتها الوطنية المتطلعة لحلول عادلة وشاملة للمشاكل المزمنة والمسببة باستمرار سياسة العدوان والهيمنة الاسرائيلية المتحققة باغتصاب حقوق الشعب الفلسطيني وحرمانه من سيادته على ارضه والتنكر لشرعية وجوده عليها وحصره بكانتونات معزولة لا تتيح له حتى تنفيذ الحد الادنى من قرارات ما يسمى بالشرعية الدولية التي اوصت باقامة كيان فلسطيني كامل السيادة وقابل للحياة على الجزء المتبقي من فلسطين التاريخية، الى جانب مواصلة احتلالها لاراضي اكثر من دولة عربية اخرى وتهديدها الدائم وتدخلها الخفي بشؤونها !
غزة الحالية شريط ساحلي يتمدد بطول 40 كيلومترا وعرض 10 كيلوات ، وفيه واحدة من اعلى نسب الكثافة السكانية في المنطقة كلها حيث يقطنه حوالي مليون ونصف فلسطيني اغلبهم من نازحي 1948 و1967 ، وكما ان غزة شريط للمخيمات فهي شريط متواصل وحي لمشاهد النكبة والنكسة، ان حالتها تعبير مكثف للتراجيديا الفلسطينية وبكل ابعادها، الانسانية والديمغرافية والاقتصادية والنفسية وهي بذات الوقت تعكس الوجه الاخر من المعادلة وجه الصمود والمصابرة والمثابرة على مقاومة الواقع المفروض بالقوة الغاشمة لتغييره وتحريره من عبث المحتلين والمستوطنين والمتخاذلين ومن الدور السلبي لبعض العرب المحيطين !
لا توجد في غزة جبال فهي ساحل مفتوح على صحراء النقب شمالا وشرقا وصحراء سيناء جنوبا ، ولم يبق الا البحر نافذتها المفتوحة دون معابر مغلقة، فغرب القطاع كله بحر، لكن البحر ايضا مغلق بحزام عائم من سلاح البحرية الاسرائيلية، حتى صيادي القوارب قد حرموا من عملهم، البطالة في غزة اكثر من 80 % ، وبعد تشديد الحصار واغلاق المعابر وصلت نسبتها الى 90% ، ولا تتوفر في القطاع عوامل الاكتفاء الذاتي ، لا زراعيا ولا صناعيا ولا صحيا ، وكذا الحال بالنسبة لمصادر الطاقة والتمويل، لا توجد في القطاع اركان الدورة الاقتصادية المتكاملة، لقد سمح لغزة ان تكون على قيد الحياة وبشكل مقنن ولا يمكنها ان تعيش دون اعتمادها على من يمدها بالعون، هذه هي حكمة السياسة الا انسانية لاسرائيل، سياسة الخنق، سياسة التحكم بشرايين حياة الاخرين وجعلهم تحت رحمتهم، لذلك تجد اسرائيل تفكر دائما اثناء الحروب او التسويات بالسيطرة على مصادر المياه الممرات الحيوية على مناطق الثروات الطبيعية وعلى الارضي الخصبة، تقول تقارير الاونوروا إن هناك اكثر من 750 الف نسمة في قطاع غزة يعتمدون في عيشهم على مساعداتها، اضافة لاعداد اخرى تعتمد بشكل جزئي على المساعدات الاغاثية، معنى هذا أن اكثر من نصف سكانها لا يستطيعون اعالة انفسهم !
يتواصل العدوان الجوي والمدفعي برا وبحرا ومن ثلاث جهات، بمعدل 30 ـ 40 طلعة جوية يوميا ، وبكل اصناف القاذفات والسمتيات، وبمقذوفات عالية التدمير، قنابل بالاطنان، قنابل عنقودية، صواريخ موجهة، قذائف مدفعية، وعلى مساحة 40 كيلو مترا مفتوحة وعارية من المصدات الجبلية !
لقد هدموا كل الابنية العامة دوائر الشرطة والاعلام والجمعيات الخيرية حتى المساجد والجامعات، وكل هذه مشيدة في قلب الاحياء السكنية، حتى كتابة هذه المقالة وصل عدد الضحايا الى اكثر من 2500 بين شهيد وجريح ، وبلغت نسبة الاطفال والنساء منهم حوالي 25 % !
وزارة الحرب الاسرائيلية تقول إن عملياتها دقيقة وهي كجراحة الطبيب، والخارجية الامريكية تعتبر عدوان اسرائيل عملا مشروعا للدفاع عن النفس، وتشترط على حماس وقف كل انشطتها "الارهابية" كشرط لايقاف القصف !
مجلس الحرب الاسرائيلي المصغر ـ اولمرت ، باراك ، ليفني ـ يشترط ضمانات من حماس للرضوخ الى المطالب الاسرائيلية بنزع سلاحها، مقابل وقف عملياتها العسكرية ضد غزة، وحماس ومعها كل فصائل المقاومة على ارض غزة ترفض الاستسلام وترفض الخضوع وترفض سياسة الاملاءات متوعدة اسرائيل بتصعيد المقاومة والصمود حتى تتراجع اسرائيل عن غيها !
مصر لا تستجيب لدعوة فتح معبرها الا اذا اتفقت اللجنة الرباعية والسلطة على ذلك، لكنها تردد عبارات الادانة كغيرها من الانظمة المتواطئة !، عباس يندد دون موقف ملموسة !
الشعوب العربية والاسلامية ومعظم احرار العالم يتظاهرون ويعتصمون امام سفارات اسرائيل ومصر وامريكا لايقاف المجزرة، والقوى الوطنية والاسلامية تدعو الانظمة للتخلي عن سلبيتها المعهودة، باجراءات تؤدي لايقاف العدوان ومعاقبة اسرائيل، بطرد ممثلياتها، وقطع المفاوضات معها، والعمل على فتح المعابر وبشكل دائم وتقديم المساعدات الفورية لاهالي غزة !
اما اكثرية وسائل الاعلام العالمي والعربي فقد كانت متعاطفة مع محنة غزة واهلها وذهب بعضها لتعرية اسرائيل وحقيقتها الارهابية، ومازالت ردود الافعال تتصاعد ! إن توسيع نطاق العمليات العدوانية وتتويجها باجتياح بري يتسبب بهلاك الالاف والاجهاز على ما تبقى من مباني ودور سكن سيفتح الابواب على مصراعيها لتوسعات ومضاعفات لا يمكن تقدير نتائجها وحتما ستكون خسائرها شاملة لكل الاطراف ولكن يبقى المتخاذلون والمتواطئون هم الخاسر الاكبر بالنتيجة حيث ستتكشف ظهورهم وستكون جاهزة للجلد الشعبي !
ما يجري في غزة ليس نادرة صهيونية، انها ممارسة اسرائيلية يومية، حتى اصبح الامر تقليدا بنيويا فيها، انها ليست قادرة على الاستمرار كدولة دون هذه المحارق ! حرائق غزة المتواصلة تفضح معدن النازية الاسرائيلية ذات الجذر الصهيوني المتآخي مع نازية الريخشتاغ والذي دبر معها محارق اليهود لتحقيق اهدافها الجهنمية في تهجيرهم من المانيا واوروبا الى فلسطين، فبضربة واحدة ثمنها حرق مئات الالاف من فقراء يهود اوروبا قبضت الصهيونية وبمباركة من الامبريالية العالمية الثمن بقيام دولة اسرائيل مع تعهد بحمياتها وتمويلها باموال الابتزاز والتعويضات من عرق دافعي الضرائب الاوروبيين ومن مقاولات دور الحراسة للمصالح الحيوية الغربية في الشرق الاوسط ، وعليه فان من يحرق ابناء جلدته لتحقيق اهداف سياسية شيطانية مستعد لابادة شعوب باكملها للحفاظ على مكاسبه !
تتواصل حلقات المسلسل النازي بصورته الصهيونية منذ عام 1948 وحتى الان ، وبعد أن انهار الرايخشتاغ الهتلري كان الرهان الصهيوني يتعاظم على ريخشتاغ جديد هو البيت الابيض، وكان الرهان في محله، لقد سعى البيت الابيض لجعل اسرائيل اقوى قوة طاغية بين ضلوع الشرق الاوسط المتكسرة بالتبعية وسياسة النهب الامبريالي المستندة على انظمة خانعة خائفة ارتبطت مصالحها ومصائرها بامريكا ومن ثم حليفتها المستهترة اسرائيل !
اليوم يرسل بوش بابا نوئيل ليقدم هداياه الى اطفال غزة بمناسبة اعياد الميلاد وبمناسبة رأس السنة الجديدة، بوش يعطي الضوء الاخضر لنازيي اسرائيل كي يعلموا غزة واهلها بان امريكا لن تسمح لهم بالحياة دون ان يستجيبوا لشروطها، الترويع والصدمة، الضرب على الرأس، اما معنا او ضدنا !
الكثير من المواقف المشبوهة التي تتخذها أنظمة عربية كثيرة تدعي في العلن وقوفها إلى جانب القضية وفي السر تفعل ما لا يفعله الشيطان بمعية الراعي الأمريكي. فما معنى ان يسجن عرفات في المقاطعة بقرار امريكي، ويقتل بقرار امريكي؟ ما معنى ان تستولي اسرائيل على الأرض وتقطعها وتجعل من اقتصادها مستحيلا ثم تدعي أنها موافقة على حل الدولتين؟
ما معنى ان تكون امريكا واسرائيل فوق القانون وفوق مباديء حقوق الانسان ولا أحد يقول لهما أف؟، ما معنى ان يعمل ـ المعتدلون العرب ـ على التحالف مع اسرائيل المحتلة والقاتلة والنازية، لدرجة أن بعضهم يعزو ضعف العمل العربي المشترك والجامعة العربية لعدم قبول عضوية اسرائيل في الجامعة العربية ؟
ما معنى أن يصدر الرايخ الامريكي فرمانا لاقامة حلف عربي اسرائيلي لمواجهة ايران، ويتحرك المعتدلون المتحضرون المتعفنون في مصر والسعودية ومستعمرات الخليج وغيرها لتنفيذ القرار بعد ترجمته للعربية بتقنية خلط المعاني بالاغاني والاماني على طريقة " شكسبير " ؟
لقد اعلن بوش وهو بكامل قواه العقلية وأمام ممثلي الدول المهمة بالعالم وأمام اللجنة الدولية التي تمشي على اربع في متابعة ما يقرر بشأن الوجود الفلسطيني المؤذي لاسرائيل وديمقراطيتها النازية اعلن في مؤتمراته العقيمة ـ انا بوليس وانا شرطي ـ وارسل وزيرته باربي السمراء لتزف البشرى الى كل المنتظرين بان نهاية هذا ستشهد قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة ! !
انتهى العام ونام عباس، وتثائب مبارك، وذهب خادم الحرمين الى مؤتمر حوار الاديان وتبادل ماتبادله مع ضيوف المؤتمر واصحاب الدار ورجع الى حيث كان، وكأن كل شيء على مايرام !
لم يات الحل الموعود ، لقد عفا بوش عن الديك الرومي في عيد الشكر، وعفا الله عما سلف، وعفا الله عن وعده الموثق، حتى انه نسي كل شيء، واعاد تكرار سؤاله الغبي في زيارته الاخيرة لبغداد حين همس باذن السفير كروكور متسائلا : لماذا يكرهوننا ؟ لماذا يتوقون لضربونا بالاحذية ـ عفوا بالقنادر ـ ؟
حصار غادر وشامل ، وحرق شامل في غزة، يشبه حصار العراق وحرقه، قبل اجتياحه واحتلاله ! في يوم واحد مئات من القتلى والجرحى وامريكا وعربها يبحثون عن الاعذار لاسرائيل، تبا للقوة الغاشمة والاستباحة المنفلتة، اطفال ونساء وشيوخ وشباب، حصار يتلو حصار ، لاماء ولا دواء ولا كهرباء ولا غذاء !
تبا لكل الرايات التافهة بزيفها، تبا لنازيتكم، تبا لبربريتكم، تبا للمتخاذلين عربا كانوا او فلسطينيين، تبا للنفاق الاوروبي الذي لا يجرؤ على قول الحقيقة ! متى يكيل العالم بمكيال واحد فاذا قتل صهيوني قيل جريمة لا تغتفر واذا قتل شعب باكمله قيل مسألة فيها نظر ؟
متى تترجم شعوبنا غضبها وقهرها ونقمتها الى ثورات عارمة تسقط العروش والكروش المتهرئة ؟ حكامنا يستاسدون ويتفنون في اذلال شعوبهم، ويتحولون الى ارانب وجرذان امام الصهاينة والمتشددين لهم من سادة الغرب ؟
شيء مما يجب فعله :
تواصل الرد المقاوم بصواريخ الردع المحاصر، كرمز لتواصل مقاومة غزة واهلها، اشعال انتفاضة جديدة في الضفة الغربية، قطع العلاقات الدبلوماسية مع اسرائيل، ممارسة الضغوط الشعبية لكسر الحصار العربي على غزة، تواصل التحركات الشعبية والنزول للشوارع ومحاصرة السفارات الامريكية.
تصعيد اعمال المقاومة داخل الاراضي المحتلة 1948، استهداف مكثف للقوات الامريكية في العراق والاقتداء بما اعلنه فصيل جيش المجاهدين بالثأر لغزة من خلال ايقاع اكبر الخسائر بالجنود الامريكان.
الفصائل الفلسطينية الفاعلة مطالبة الان بعقد اجتماع لمنظمة التحرير الفلسطينية يجري فيه اعلان فشل التسوية السلمية ويدعو الى الوحدة الفلسطينية وإلى وضع الأراضي الفلسطينية المحتلة تحت الحماية الدولية، والانظمة العربية مطالبة بتبني هذا التوجه ودعمه ، والتحرك على مجلس الامن لتبنيه، لاسيما وان امريكا قد فشلت في رعايتها للتسوية، واللجنة الرباعية تجد نفسها عاجزة عن فعل شيء فلا قرارات انا بوليس ولا التعهدات الامريكية لاقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة في نهاية هذا العام تشكل معالجات جادة للوضع المزري للفلسطينيين في غزة والضفة الغربية، فلا الدولة قد قامت في نهاية عام 2008 ولا الاستيطان قد توقف ولا تهويد القدس قد تعطل والحال يدور حول نفسه منذ اوسلو وحتى الان، ان وضع عرفات تحت الاقامة الجبرية الاسرائيلية ومن ثم اغتياله كان بمثابة اعلان فعلي لموت كل سياسة التسوية التي بنيت على ضوء اتفاقيات اوسلو، وعليه ماذا تامل فتح وسلطتها بقيادة عباس من مواصلة السير في طريق مسدود، كيف يسمح عباس لنفسه في المشاركة باعادة قتل عرفات مرات ومرات من خلال مداهنة قتلته وقتلت احلامه المشروعة والتي تدعي بانك تريدها ايضا، ان تسويتكم قد قبرت، واسرئيل نفسها من قبرها، فلماذا كل هذه المهانة ؟
جمال محمد تقي* * كاتب عراقي مقيمفي السويد | |
|