نعيمه الحاج المشرف العام
تاريخ التسجيل : 16/08/2008 الجنس : عدد الرسائل : 2211 :
| موضوع: إن تكونوا تألمون...والإعلام المزور الخميس يناير 08, 2009 12:59 am | |
| إن تكونوا تألمون...والإعلام المزور |
الكلمات الأُول من العنوان هي جزء من آية في سورة النساء تلت آيات في جهاد الكفار، يقول عز و جل: ( و لاتهنوا في ابتغاء القوم إن تكون تألمون فأنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله مالا يرجون وكان الله عليما حكيما)
قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره:\" أي لا تضعفوا في طلب عدوكم بل جدوا فيهم وقاتلوهم واقعدوا لهم كل مرصد... فكما يصيبكم الجراح والقتل كذلك يحصل لهم، ( وترجون من الله ما لايرجون) أي انتم وإياهم سواء فيما يصيبكم وإياهم من الجراح والآلام ولكن انتم ترجون من الله المثوبة والنصر كما وعدكم إياه.....وهم لايرجون شيئا من ذلك، فانتم أولى بالجهاد منهم...\"
وقال الشيخ السعدي رحمه الله:\" أي لا تضعفوا و لا تكسلوا في ابتغاء عدوكم من الكفار، أي في جهادهم والمرابطة على ذالك فان وهن القلب مُستدع لوهن البدن وذلك يُضعف عن مقاومة الأعداء بل كونوا أقوياء نشيطين في قتالهم، ثم ذكر ما يقوي قلوب المؤمنين فذكر شيئين: الأول: أن ما يصيبكم من الألم والجراح ونحو ذلك فانه يصيب أعدائكم فليس من المروءة الإنسانية والشهامة الإسلامية أن تكونوا اضعف منهم وانتم وإياهم قد تساويتم فيما يوجب ذلك...
الأمر الثاني: أنكم ترجون من الله مالا يرجون، فترجون الفوز بثوابه والنجاة من عقابه....لان من يقاتل ويصبر على نيل عزه الدنيوي إن ناله، ليس كمن يقاتل لنيل السعادة الدنيوية والأخروية والفوز برضوان الله وجنته....\"
وقال صاحب الظلال رحمه الله:\" إنهن كلمات معدودات، يضعن الخطوط الحاسمة، ويكشفن عن الشقة البعيدة بين جبهتي الصراع..إن المؤمنين يحتملون الألم والقرح في المعركة، ولكنهم ليسوا وحدهم الذين يحتملونه، إن أعداءهم كذلك يتألمون وينالهم القرح واللأواء، ولكن شتان بين هؤلاء و هؤلاء، إن المؤمنين يتوجهون إلى الله بجهادهم ويرتقبون عنده جزاءهم، فأما الكفار فهم ضائعون مضيعون لا يتجهون لله ولا يرتقبون عنده شيئا في الحياة ولا بعد الحياة..وإذا أصر الكفار على المعركة، فما أجدر المؤمنين أن يكونوا اشد إصرارا، وإذا احتمل الكفار آلامها، فما أجدر المؤمنين بالصبر على ما ينالهم من آلام، وما أجدرهم كذلك أن لا يكفوا عن ابتغاء القوم ومتابعتهم بالقتال وتعقب آثارهم حتى لا تبقى لهم قوة، وحتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله.....\"
فليس عبثا إذا أن الله سبحانه وتعالى يذكّرنا ويدعونا أن لا ننسى و نحن في خضم معركتنا مع الكفار و مع ما يعتريها من آلام وجراح وقتل، يذكرنا الله بان أعداءنا الكفار كذلك يتألمون كما نتألم ويصيبهم من الجراح كما يصيبنا، و لكن الفرق الكبير أننا نرجو من نصر الله وفضله في الدنيا وجنته في الآخرة ما لا يرجو أولئك الكفار، فليس عبثا أن يذكرنا الله بكل ذلك، لان ذلك من أعظم وسائل الثبات في المعركة ومن أعظم عوامل النصر على الأعداء..
لكن الملاحظ أن هناك من يحاول أن يذكرنا دائما بآلامنا نحن فقط، وعلى الجانب الآخر يحاول أن ينسينا أو يشككنا في أن عدونا كذلك يتألم..
في كل معركة بين المسلمين و الصليبيين الجدد أو بين المسلمين واليهود، يقوم الإعلام الغربي المزوّر وذنبه الإعلام العربي بهذا الدور الخطير والحقير، من محاولات اظهر الآلام التي تصيب المسلمين جراء هذه المعارك والمآسي الإنسانية المترتبة على ذلك، و محاولة التأكيد على أن إطالة المعركة يعني مزيدا من الخسائر والمعاناة الإنسانية التي تصيب المسلمين، وفي مقابل ذلك كله تعتيم كامل على آلام وخسائر الأعداء...
اليوم، وفي ملحمة غزة وماساتها و التي نعايش أحداثها ليلا ونهارا، يحاول الأعلام المزور أن يقوم بدوره المعتاد، فالصورة مسلّطة على تلك الغارات الوحشية التي قام بها اليهود على غزة، لكنها مبطّنة بإظهار قوة ذلك الجيش الذي لا يقهر، والصورة مسلّطة كذلك على تلك المعاناة الإنسانية، ولكنها مبطّنة أيضا بلسان حال ومقال يقول: على ما تقتلون أنفسكم، وطبعا لن تسمع عن صواريخ المقاومة التي تمطر العدو ولاعن تأثيراتها، وان ذُكرت فإنما تُذكر على استحياء بما تقتضيه الموضوعية المزيفة لذلك الإعلام، وطبعا لن تسمع عن الروح المعنوية العالية لذلك الشعب الأبي ولا عن صموده..
في إحدى القنوات الفضائية، وأثناء نشرة الأخبار، كان مراسل القناة في غزة يتكلم عن صواريخ المقاومة وعن الروح المعنوية العالية للشعب رغم جلل المصاب، وكان مقدم نشرة الأخبار يحاول أن يقاطع المراسل بالسؤال عن الأوضاع الإنسانية في المدينة، فلما لم يستجب المراسل، أنهى المقدم تلك المكالمة.
إن محاولة إظهار وحشية القصف اليهودي و ما ترتب عليه من معاناة إنسانية وقتل وتشريد لأهل غزة، إن إظهار مثل ذلك لاشك أن له فوائد كبيرة لا ينكرها احد، من أهمها إظهار هذا العدو على حقيقته وهمجيته أمام العالم اجمع، وكذلك تعاطف الناس عموما والمسلمين خصوصا مع مأساة إخواننا في غزة والتداعي لمساعدتهم..
إننا نحتاج لإعلام إسلامي مستقل ذو حرفية ومهنية عالية، ينقل هذه الصورة بما يحقق الهدف المنشود من نقلها بما لا يضر و لا يفت في عضد المجاهدين وشعبهم المضطهد ويضمن لهم الدعم المستمر من إخوانهم المسلمين، وكذلك يظهر هذا الإعلام الجهود التي يقوم بها المجاهدون لصد هذا العدوان والتي من أبرزها أطلاق تلك الصواريخ التي أقضت مضاجع يهود، وتأثير تلك الصواريخ..
اليوم، غادر أكثر من مليون يهودي منازلهم إما تحت الملاجئ أو إلى ما يسمى شمال إسرائيل، أُغلقت الجامعات والمدارس وخلت الشوارع من المارة، في جو يسوده الرعب والخوف من أن تطالهم صواريخ المقاومة، ولكن الصواريخ وصلت فعلا وقتلت وجرحت أكثر من أربعين يهوديا، والذين لم تصبهم الصواريخ أصابتهم الصدمات النفسية والانهيارات العصبية، والعيادات النفسية مزدحمة بالمراجعين يبحثون عما يسكن رعبهم، والأدوية المهدئة تكاد تنفد من الصيدليات.....
هذا وغيره الكثير من الآلام واللأواء التي تصيب القوم، والتي لن يستطيعوا أن يتحملوها لوقت طويل، كيف ذلك وهم يهود الذين هم أحرص الناس على حياة...
والقادم أدهى وأمر ليهود إن شاء الله..
إن المجاهدين وشعبهم المستضعف، ومن ورائهم المسلمون، يريدون من يحدثهم بأنهم ليسوا هم وحدهم الذين يألمون وتصيبهم الشدة واللأواء، بل إن عدوهم يصيبه كذلك بل أشد، والمجاهدون وشعبهم يريدون من يذكرهم بأنهم يرجون من الله ما لا يرجو عدوهم الكافر، فهم يرجون أجر الله ومثوبته وإعانته ونصره على الكفار في الدنيا، أو الشهادة فتكون لهم الفردوس الأعلى في الآخرة..
إن التذكير بهذه المعاني لهو من أعظم أسباب الثبات في المعركة ومن أعظم عوامل النصر على الأعداء....... فيا أيها المجاهدون هنيئا لكم النصر والظفر...وعليكم بالصبر، فإنما النصر صبر ساعة....و يا أيها المسلمون إياكم و الإعلام المزور لا يخذّلنكم عن نصرة إخوانكم المستضعفين...و الله المستعان وعليه التكلان... | الدكتور مفلح بن غضبان الرويلي | |
|